عملية تحويل المسار: تخلّصك من السمنة وعشرات الأمراض الأخرى
تصغير حجم المعدة فقط قد لا يكون مُجديًا لإنقاص الوزن، خاصةً إذا استمر المريض على نفس العادات الغذائية الخاطئة بعد إجراء الجراحة، ولكن ماذا لو أن هُناك إجراء أفضل وأشمل يتحكم فى الامتصاص كذلك؟ فى هذه المقالة، نتناول معًا ماهية عملية تحويل المسار، وآلية إجرائها، والفوائد والمخاطر التي يتوقع حدوثها.
آلية الجهاز الهضمي وكيفية حدوث السُمنة
يبدأ الجهاز الهضمي من الفم وحتى فتحة الشرج، ويتركز دوره الرئيسي على استقبال الطعام، وتفتيته لجزئيات أصغر؛ ليسهل امتصاص العناصر الغذائية منه، والتي تَمُد الجسم بالطاقة اللازمة لأداء وظائفه الحيوية.
تنشأ السُمنة نتيجةً لعدة أسباب، وعادةً ما تَحدث بسبب الإفراط فى تناول الأطعمة، والذي يُساعد عليه كبر حجم المعدة وتمددها، وبالتالي، يمتص الجسم عناصر غذائية أكبر من احتياجه، فتتراكم الزيادة فى الجسم على هيئة دهون؛ فيزداد الوزن.
كيفية القضاء على شبح السُمنة؟
كما ذكرنا، فإن أساس السُمنة هو تراكم الدهون نتيجة الزيادة المفرطة للسعرات الحرارية التي يتناولها الشخص يوميًا، ولذا، فإن العلاج الأمثل لهذه المُشكلة هو عكس ما حدث: أي حدوث عجز فى السعرات، يتبعه حرقٌ للدهون المُتراكمة.
ولكي يحدث هذا العجز، لابد من الاعتماد على نظام غذائي مُحدد يرتكز على تناول سعرات حرارية أقل من الاحتياج اليومي، ولكن مع تمدد المعدة، والإفراط فى إفراز هرمون الجريلين، عادةً ما يكون الأمر صعبًا بل مُستحيلا.
ولحسن الحظ، ظهرت الحلول الجراحية، وتطورت كثيرًا، وامتدت فائدتها لما هو أكبر من مجرد خسارة الوزن، بل القضاء على العديد من الأمراض المُصاحبة للسُمنة كمرض السكر وارتفاع ضغط الدم.
كيف ساهمت الجراحة فى القضاء على السُمنة؟
تُركز أغلب جراحات إنقاص الوزن إما على المساعدة فى التحكم فى تقليل الأطعمة التي يتناولها المريض بتصغير حجم معدته، أو تقليل فرص امتصاص العناصر الغذائية من الأطعمة المهضومة.
ولتحقيق هذا الهدف، ظهرت عدة أنواع من جراحات السُمنة مثل: تكميم المعدة، وتدبيس المعدة، وحزام المعدة، وتحويل المسار، وبالون المعدة، وغيرها.
ما هي عملية تحويل المسار؟
هى إجراء جراحي يهدف لتقليل حجم المعدة وكذلك كمية الطعام المُمتصة عبر الأمعاء الدقيقة، حيث يتم عمل جيب معدة صغير، وعمل وصلة بين جيب المعدة الصغير و الأمعاء الدقيقة بإستخدام الدباسات الجراحية الحديثة.
تُعتبر عملية تحويل المسار أشمل من عملية التكميم التي يكتفي فيها الجراح بإزالة أغلب حجم المعدة، حيث تؤثر عملية تحويل المسار أيضًا على الامتصاص، مما يجعلها خيارًا أفضل لمرضى السكر ولغير القادرين على التحكم في نظامهم الغذائي بعد جراحة السُمنة.
مَن يُمكنه إجراء عملية تحويل المسار؟
تتشابه عملية تحويل المسار مع غيرها من عمليات السُمنة فى الشروط الواجب توفرها ليُصبح المريض مؤهلاً لإجراء الجراحة، وتشمل تلك الشروط:
- السُمنة من الدرجة الثالثة والتي يتخطي فيها مؤشر كتلة الجسم الـ 40 كجم / م2.
- عندما يكون مؤشر كتلة الجسم 35 كجم / م2 مع وجود حالة مرضية مُرتبطة بالسُمنة.
- الإصابة بمرض السكر من النوع الثاني كنتيجة للسُمنة حتى مع وجود مؤشر كتلة الجسم عند الـ 30 كجم / م2.
إحدى هذه الشروط يؤهلك لإجراء عملية تحويل المسار، ولكن أيضًا لابد وأن تكون قد حاولت كثيرًا إنقاص وزنك باتباع نظام غذائي دون جدوى، كذلك لابد وأن تكون مؤهلا جسديًا وعقليًا لإجراء الجراحة، مع ضمان الأمان التام على صحتك.
كيف تتم عملية تحويل المسار؟
تُجري عملية تحويل المسار منذ أكثر 50 عامًا، ومؤخرًا، أصبحت أغلب تلك الجراحات تتم عبر المنظار الذي لا يحتاج معه الجراح للتدخلات الجراحية العميقة كما كان فى السابق.
يقوم الجراح بعمل من ثلاث إلى خمس فتحات فى بطن المريض، ليتم من خلالهم دخول الأدوات الجراحية الدقيقة وإجراء العملية.
من خلال الفتحة الأولى، سيقوم الجراح بنفخ غاز ثاني أكسيد الكربون داخل تجويف البطن لتتضح الرؤية بالداخل.
ومن فتحة أخرى، يُدخل الجراج المنظار الذي يسمح له برؤية ما بداخل تجويف البطن، وعبر الفتحات الأخرى، سيقوم الجراح بالوصول للمعدة والأمعاء وإجراء الجراحة كالتالي:
- يُفصل الجزء العلوى من المعدة ويُدبس بإستخدام الدباسات الجراحية الحديثة لتُصبح المعدة فى حجم البيضة، وسيظل الجزء المتبقي منها ملتصقًا بالأمعاء الدقيقة.
- عمل وصلة بين جيب المعدة الصغير و الأمعاء الدقيقة بإستخدام الدباسات الجراحية.
بذلك تكون النتيجة هو الحفاظ على آلية الهضم قدر الإمكان ولكن مع تقيد فرص تناول الطعام حتى يتم حدوث عجز فى السعرات يتبع نقص الوزن.
معدل نزول الوزن بعد عملية تحويل المسار
تساعد عملية تحويل المسار فى خسارة حوالى 70% من الوزن الزائد فى أول سنة أو سنتين بعد الجراحة، وبمرور الوقت، قد يستعيد بعض المرضى جزءًا من وزنهم المفقود، ولكن سيظل متوسط فقدان الوزن هو 50% من الوزن الزائد على المدى البعيد، والذي يصل لـ 20 عامًا.
عملية تحويل المسار يتخطى دورها مجرد إنقاص الوزن
بخلاف دورها البارز فى إنقاص الوزن، أثبتت عملية تحويل المسار قدرتها على معالجة العديد من الحالات المرضية مقارنةً بغيرها من الأساليب الجراحية، ومن تلك الحالات:
- مرض السكر من النوع الثانى.
- الأمراض القلبية.
- توقف التنفس أثناء النوم
- مرض الكبد الدهني.
- هشاشة العظام.
- الارتجاع المعدي المريئي.
- ارتفاع ضغط الدم.
ونظرًا لكونها من أكثر الإجراءات الجراحية التي تمت دراستُها بدقة، فإنها توفر معدلات نجاح أكبر من غيرها على المدى البعيد، وتُعبر بارقة أمل للكثير من المرضى الذين يستطيع التوقف عن تناول أدوية الكثير من الأمراض بعد إجراء عملية تحويل المسار.
مخاطر مُحتملة لعملية تحويل المسار على المدى القريب والبعيد
1- على المدى القريب
كغيرها من العمليات الجراحية، يُحتمل مع عملية تحويل المسار بعض الآثار الجانبية والمخاطر أثناء أو بعد الإجراء بفترة قصيرة، وتشمل:
- حدوث عدوى أو نزيف شديد.
- حساسية التخدير.
- انسداد أو ضيق الأمعاء نتيجة الندبات.
- التسريب.
2- على المدى البعيد
تشمل أضرار عملية تحويل المسار المُحتملة على المدى البعيد ما يلي:
- متلازمة الإغراق والتي تشمل أعراضها الغثيان والإسهال وتقلصات البطن ونقص السكر في الدم، وعادةً ما تتلاشى من تلقاء نفسها، وتحدث مع جراحات السُمنة بنسبة 50%.
- سوء التغذية الذي قد ينتج عن عدم الالتزام بالنظام الغذائي الموصوف، حيث تؤثر عملية تحويل المسار على الامتصاص وتُقلله، وبالتالي، تحتاج معها للالتزام بتعليمات الطبيب بما في ذلك النظام الغذائي.
- حصوات المرارة التي قد تنتج بسبب زيادة نسبة الكوليسترول في الكبد نتيجةً لنقص الوزن، وبالتالي، ينتقل الكوليسترول مع العصارة الصفراوية من الكبد للمرارة، ويتراكم الكوليسترول فى المرارة مُسببًا حصوات، ولكن هذا لا يُسبب مشاكل صحية عادةً إلا إذا حدث انسداد في القنوات الصفراوية.
- استعادة جزء من الوزن المفقود نتيجة عدم الالتزام بنمط غذائي صحي، ما يؤدي لتمدد المعدة مُجددًا، وزيادة الوزن تدريجيًا، وقد تحتاج لإصلاح للعملية أو إعادة إجرائها من جديد.
النظام الغذائي بعد عملية تحويل المسار
بعد نجاح الجراحة، ستحتاج للانتظام على نظام غذائي صحي، يتضمن تناول وجبات أقل، ويحتوي على العناصر الغذائية التي تحتاجها، وسيُحدد الطبيب المُعالج هذا النظام وفقًا لرؤيته لحالاتُك.
سيبدأ النظام الغذائي بعد تحويل المسار بالسوائل، وبعد فترة ننتقل لمرحلة الأطعمة اللينة، وعادةً ستتمكن من العودة للأطعمة العادية بعد شهرين لثلاثة أشهر.
وبشكل عام، عادةً سيشمل النظام الغذائي ما يلي:
- شرب كميات كبيرة من المياه، والذي قد يكون صعبًا لصغر حجم المعدة بعد الجراحة، ولكنه مُهم جدًا للترطيب وتجنب الآثار الجانبية كالغثيان والإمساك.
- تناول 100 جرام من البروتين يوميًا على الأقل للحفاظ على العضلات، حيث يُعتبر البروتين من أهم المغذيات سواءً قبل أو بعد الجراحة.
- الانتظام مدى الحياة على تناول المكملات التي تحتوي على الفيتامينات والمعادن، حيث سيفقد جهازك الهضمي بعد الجراحة القدرة على امتصاص ما يكفيه منها من الأطعمة.
- تجنب الأطعمة الغنية بالسكر والنشويات، فبجانب مساهمة هذه الخطوة فى فقدان الوزن، فهي كذلك تقيك من عسر الهضم، وتذبذب نسبة السكر فى الدم.
الخاتمة
باتت العمليات الجراحية وسيلةً فعّالة لإنقاص الوزن، وتعددت آلياتُها مؤخرًا، وتطورت كثيرًا، ولعل عملية تحويل المسار من أفضل الخيارات التي لا يقتصر دورها فقط على إنقاص الوزن، بل تُعالج الكثير من الحالات المرضية الأخرى المُتعلقة السُمنة، كذلك فإنها تؤثر على الامتصاص وليس فقط حجم المعدة، ما يجعلها أكثر فعالية مقارنةً بغيرها من جراحات إنقاص الوزن المختلفة.
إقرأ أيــــــــــــضاً : مميزات وعيوب عملية تكميم المعدة
ما هو النظام الغذائى للمتكمم فى رمضان؟
أهم الإختلافات بين عملية تكميم المعدة وتحويل المسار
جمانا
هل يعود الامتصاص بالامعاء بعد مرور وقت عالعمليه
20 مارس 2024 الساعة 10:46 ص